صور ونماذج فنية من أعماق توات
يوجد في توات نوعان من الرقص، الرقص
الجماعي الذي تأتي خطواته منظمة ومنسقة مع الايقاع ، ثم الرقص المنفرد
الذي يؤدى وسط جماعة دورها الأساسي التصفيق والغناء والتشجيع ، ويعتبر
الرقص في توات وسيلة للتعبير عن مشاعر الانسان المختلفة ، عن حزنه ، وفرحه
، عن عمله وسكونه ، وهذا يتجلى بوضوح منذ بدء الخليقة ونتيجة لتفاعل
الإنسان مع البيئة المحيطة به فلقد أحتاج الإنسان البدائي للتعبير عن نفسه
وعن رغباته وحاجاته بالكلام حين كان يريد أن يعبر عما يدور بداخله من
انفعالات ، فالرقص أو التعبير الحركي كان له دور كبير في المجتمع التواتي
، حيث أستخدم الموسيقى منذ أقدم العصور ليعبر عن الحب وعن انبل المشاعر
وأرق الأحاسيس فهي كما يقال غذاء الروح كما أنها استخدمت لبث روح الجهاد
والفداء والتعبير عن أعمق مشاعر الحزن وأيضا المشاعر التي تفيض بالسعادة
فهي قادرة على التعبير عن كل مشاعر الإنسان السارة والحزينة فالموسيقى
تؤثر في نفوسنا وتحرك عواطفنا وإحساسنا ورسالتها الاولى تنمي فينا الذوق
ورقة الشعور وحب الجمال والمثل العليا. ويجرى عادة في الأعراس ، كما تختلف
الرقصات بعضها عن بعض ، رقصة الرجال ورقصة النساء ، وهناك رقصة يجتمع فيها
الرجال والنساء هي الطبل، ولكل رقصة من الرقصات الة موسيقية خاصة بها ،
منها ما يؤدى بالدف ومنها بالنواشة ، وعند دراستنا الشاملة للآلات
الموسيقية والصوتية ودورها في المجتمع وجدنا العديد من الآلات اندثر ولم
يبقى له اثر على ساحة توات الفنية وهذا قد يرجع إلى الإهمال و اللامبالات
وقلة الوعي بالثقافة الفلكلورية التقليدية ، وعن كيفية صناعة الآلات ،
وجدنا جلها مصنوع من أدوات بسيطة كا جلود المعز وألياف الأغنام تستعمل في
صناعة الدف ، و البندير ، وأشجار القصب تستعمل في صناعة النواشة ، و
الزمارة ، والطين تستعمل في أستخدام الأشكال من دائرية وطويلة ...الخ من
الأنواع وكل هذا من أجل توفير الرفاهية والتغلب على الطبيعة القاسية وطرد
الأرواح الشريرة ، وللوصول إلى القوانين المتحكمة في توزيعها والتعرف على
دورها في المجتمع التواتي . حيث عثرنا على العديد من الآلات الموسيقية ،
دون أن يمكننا القول بأن عملية الجرد قد انتهت وهذه النتيجة الأولى التي
اعتمدت على الملاحظة المباشرة هي بمثابة رد على بعض الاعتقادات السائدة
والشبه تابثة في أذهان التواتيون أنفسهم حول فقر توات من حيث تنوع آلاتها
وبأنه لا يمكن العثور على أكثر من ستة آلات رئيسية بينما نستطيع أن نثبت
اليوم عكس ذلك فنتحدث عن غنى تراثنا في مجال الفنون الشعبية و الآلات
الموسيقية بطبيعة الحال أن الآلات الموجودة لا يمكن أن تكون ذات أهمية
متساوية من حيث أستخدمها ولا من حيث تقييم المجتمع لها فهناك مثلا الآلات
الصوتية ، كالزمارة ، والنواشة ، وهذه دورها الأساسي غير موسيقي الا أنها
يمكن أن تستخدم أستخدام موسيقيا وذلك انطلاقا من التعريف الذي يعتبر كل ما
يستخدمه الإنسان من أجل استخراج الأصوات هو آلة موسيقية ، مع أن المظهر
الخارجي للآلة ليس هو الذي يحدد دورها كالات إنما استخدمها الاجتماعي
الموسيقي هو الذي يحدده ، اما طريقة الغناء والأداء فهناك ما تؤديها جماعة
، ومنها تناوبي بين فرد وجماعة أو جماعة وجماعة .
تقام الرقصات
الجماعية في كافة أنحاء توات أدرار في مناسبات الأفراح كالختان والأعراس ،
وفي الأعياد وفي الاحتفالات بأولياء الله الصالحين ، ونأخذ صورة عن رقصة
البارود تؤدى هذه الرقصة عموما على شكل دائري يحملون البندقيات بأيديهم
على رؤوسهم مع ضربة قدم واحدة مصحوبة مع الإيقاع في آن واحد ، ويتوسطهم
قائد الفرقة الذي يعطي إشارة إطلاق البارود وعازفو الآلات الموسيقية من
ناي ودف كبير وصغير ، ويردد الراقصون الأغنية في وقت واحد ، وتختلف
التفاصيل بين رقصة وأخرى ، ومن منطقة إلى أخرى ، فرقصة توات لا تشبه رقصة
قورارة وتديكلت والعكس ، وتجدر الإشارة هنا إلى اشتراك الرجال والنساء
سوية في الرقص الجماعي الشائع في المنطقة الجنوبية من ادرار ، وما عدا ذلك
فالرقص في المناطق الاخرى قد يفصل بين الرجال والنساء بصورة عامة ماعدا
بعض الحالات الخاصة ، كما توجد بعض الرقصات التي لم تصاحبها أية آلة
موسيقية فهي تعتمد على إيقاع ضرب الأرجل على الأرض وهذا النوع من الرقصات
يسمى الركبية وتؤدى عادة في المولد النبوي الشريف ن وهي بقاء التقليد
القديم والشائع لمنطقة توات الوسطى ، وقد بدأت الآلات تدخل تدريجيا على
الرقصات الجماعية ، مثل الشلالي وصارة والثنائي المعروف بالزمار ، والدف
الكبير وهما الأكثر انتشار لمصاحبة الرقص الجماعي ، وقد يستغني على
المزمار في بعض الأحيان فتحل محله النواشة في مناطق معينة . يسمى الرقص
بصورة عامة هنا ترفيها للنفس والتسلية ، وهو رقص المناسبات المفرحة ولعل
أهم الرقصات التي يعرفها سكان توات وهي رقصة البارود التي تؤدى صحبة ترديد
مقاطع منها مثل " سيرو بالصفاء والنية وجوارحي مع ربي "تؤدى من طرف الرجال
تحيط بهم مجموعة من النساء مع الزغاريد والتصفيق وفي هذه الحالة يكون
الاختلاط في الأداء . تؤدى رقصة البارود بمناسبة الختان والعودة من الحج
والأعراس والمناسبات المفرحة .
كما تعرف منطقة قورارة برقصة اهليل التي
تنتشر عبر كامل تراب مدينة تيميمون ، وتعد هذه من أقدم الرقصات التي
عرفتها قورارة حيث صنفت مؤخرا ضمن التراث العالمي في اليونيسكو ، ويقام
لها مهرجان مطلع كل سنة ميلادية .وتؤدى اهليل على ايقاع آلات بسيطة منها
الطبل والنبري ، وتؤدى عادة تحت ضوء القمر في الليل ، وتقام بمناسبة
المولد النبوي الشريف والاحتفالات والأعياد.
والى جانب هذا تؤدى رقصة
صارة وهي عادة خاصة بالاقوياء تؤدى مع راقصين مشكلين حلقة دائرية بأيديهم
عصا حجمها كبير جدا يرددون الصيغة ويقومون بضرب العصى بعضهم البعض
والمزمار وكل من لحقته ضربة قوية يسقط الى ان يبقى الفائز ، أما سكان توات
فمتميزون بأداء الرقصات التالية صارة الشلالي ، الحضرة ، الركبية .......
الخ
أما رقص النساء في هذه المنطقة ، فيؤدى بمصاحبة الدف أو صفيح معدني
أو بعض الأواني المعدنية وعادة يجلسن على الارض ويؤدين هذا النوع عند
ولادة المرأة ، وفي الأعراس والخطبة ، أما في توات الوسطى وبالضبط زاوية
كنتة ، فالرقص الشائع هناك هو الشلالي وهذا النوع يجمع بين الرجال والنساء
ويصاحب الرجال الة الطبلة والنواشة وقد يدخل العود والقنبري في بعض
المناطق ، أما النساء فلا يمكن أن يستخدمن هذه الآلة بل يكتفين بالتصفيق
والزغاريد ويتم الرقص برفع الأيدي إلى الأعلى وتؤدى في مناســـبات الأعراس
والأولــياء الصالحين ، أمـــا أهــــمية الشلالي"الطبل"من الناحية
الاجتماعية وهو يؤدى من قبل شيوخ كبار في السن ويعتمد على ترديد يتم بين
فرد يلقي بسملة او بيتا حماسيا تكرره جماعة الحاضرين ، مثل هذه القصيدة :
بسم الله أبديت خالقي جود عليا
ياسعدي وليت نمدح في أبوا رقية
صلى الله عليك يالي قلبي يبغيك
راني بـين إيــديك شـــاهد الله عــليا
معظم نهار أنموت أو كاملى يبكوا الخوت
أمبعد الحال إيفوت ولامن يسأل عليا
دروني في لنعاش هزوني وأنا ماشي
ساجــدي راشي إلــين صـلاوا عليا
دروني في دار اوسطحوا عني بالحجار
ياربي الــغفار جود برضـــاك عليا
نفسي كذابة ولو أنصحتها ماتابى
ماتحــــرث صابة قويطعة نصرانية
أمة محمد أنشاء الله ماتتمرمد
تمـــــشي في المجيد سالمة كيف أنهيا .
مشكلين
حلقات دائرية وكل حلقة تنافس الأخرى في الصوت والتصفيق ، إلى هنا وكل هذه
الأنواع المذكورة جميعها تؤدى من قبل سكان المنطقة أنفسهم غير المحترفين ،
أم المغنون المحترفون الذين أدخلوا العود ، والكمان على بعضها فيشتهرون
بتطوير كلمات الشلالي وقد لعب هؤلاء دورا مهما في التطوير هناك ، ولقوا
إقبالا كبيرا من طرف الجمهور والمتذوق إلى الفن التواتي وينتشر كذلك الرقص
الحر الذي يؤدي في الجلسات الودية مثل الحضرة ، حيث يمكن لأي من الجالسين
أن يساهم في الرقص وعلى طريقته الخاصة إذا ما وصل الى حالة " الجدب وهو
الطرب " اعلى درجات الفرجة .
وفي تمنطيط تؤدى أجمل الرقصات التي نجدها
في توات وأكثرها تنوعا ، من أشهرها ما يؤدى من قبل السكان هناك لأغراض
مختلفة منها إحياء عيد عاشوراء من كل سنة ، كرقصة صارة أو تلك التي تؤدى
من طرف النساء في مدح وتكريم النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، كرقصة
المولود والحضرة وغيرها ، وفي هذه الرقصات تشترك النساء الى جانب الرجال
والأطفال وتؤدى كلها في جو كبير من الخشوع والاحترام بعيدا عن أي نوع من
أنواع الابتذال وفي المنطقة ذاتها توجد فرقة الحضرة ن وهي فرقة تشعر و
تمدح في المناسبات وتقوم كذلك بجولة في كل قصور منطقة توات في شهر سبتمبر
من كل عام ن ولكونها تمدح الرسول وتمجده الشئ الذي جعل لها نظرة احترام في
المنطقة .